قصيدة في صدى الغيم للشاعر يونس أبو سبع

صحراءُ يا صاحبي صحراء .. صِحْ أعلى

صحراءُ يا زمني صحراء .. صِحْ ليلا

هذا الهباءُ أمامي ناقصٌ وَهَجًا

مثلَ الأشعةِ عُشبٌ ناقصٌ مَيْلا ؟

عيناكَ مُرهقَتَانِ ، الضوءُ دربُهما

وآخرُ الضوءِ حُلمٌ ناقِصٌ طِفلا

كم تسحقُ الذكرياتُ الذكرياتِ

وها قلبي صهيلُك

إني لم أعُد خيلا

رحلتُ ..

والنهرُ مُنبَثٌّ ..

يُدغدِغُ في تنهيدةٍ موجَهُ

حتى غَدَا سيلا

غدا مُغامَرةً ..

أن أستحِمَّ هُنا في الريحِ ..

فانسابَ قلبي في الصدى نَسْلا

لك الهفيفُ ، الحكاياتُ التى انسكبتْ في الريحِ ..

لا صوتَ لي إلا أسىً يُملى

شعرتُ دمعةَ هذا الغيمِ مُحتَسِبًا

_ذاك الذي كنتُ .. صارَ الآن مُبتلا_

صعدتُ صرخةَ هذا النهرِ

مُحتمياً بالدمعةِ البكرِ

أن أرعَى ولا حَولا

هل لي يدايَ ؟

وهل للشوكِ أعينُهُ ؟

_ لا ضوءَ للحُبِّ

دلَّ الحُبُّ ما دلّا !

***

كان السرابُ بسيطًا

لا يضيءُ لنا

إلا يُذكّرُنا أن نعبُرَ السّهْلا .

أمسَى الطريقُ ذَهُولاً

تحتَ أعمِدَةِ الكلامِ

والشعرُ همسًا يتْبَعُ الظلّا .

ظل المساءُ خفيفًا

يقتفي دمَنَا

حتى اقتفَى أثرَ الأشياءِ ، واختلّا .

صار الضبابُ

ملاذَ المُهتدينَ إلى سؤالِهم

ثم ضلّوا الحيرةَ الأَوْلَى .

كُنا على تلّةٍ ..

لا نبعَ أقربُ من حضنٍ أخيرٍ

أتَى .. لا .. إنَّهُ ولَّى

ماذا دهانا ؟

رحلْنَا دونَ موعدِنا

والأرضُ ضاقَتْ بما مَدَّتْ لنا الرَّحلا

هبَّتْ رياحٌ ، وصِرنا نحنُ عاصفةً

تراودُ المُشتَهى عن غيمةٍ أحلى

كانت مُغامرةً أن أشتهي امرأةً

في اللامسافةِ لولا أنني .. لولا

الآن تخرجُ من بين الضلوعِ مدىً

وتستَحيلُ ضياءً ، والرؤَى حُبلى

وأن أُضيئَ رفاقًا ظلُّهم شَبَحي

والريحُ تُنكر في المرآةِ ما يُجلى

كُنا ، ولكنَّنا لم نقتبسْ شُعَلاً من النهارِ

فصرنا طيرَنا الثكلى !

***

الآن

لا بابَ خلفي للخروجِ

أنا حيٌّ أرى

لا أريدُ المُنتَهى .. كلّا

الآن ..

والخُطوةُ الأخرى تُمدّدُني

أقولُ للطّين : لا تستعجلْ الوَحْلا

لا توقظِ الآن حِسَّ الرملِ بالدَّمِ

قُلْ للعابرينَ : اتركوا أجسادَكم نخلا

الآن ..

والضوءُ شلّالٌ بأوردتي

أقولُ معناك فيَّ احتلني شَكْلا ..

شيطانُنا

أن نرى مالا نرى يدَه

تُقلّبُ التيهَ في جمرِ الدُّجى خَتلا

أودعتني سرّكَ الصحراءَ يا زمنًا

قد أشهدَ العشبَ قَطْراتِ الندى وجلى

حَمَلتَني وخزة في قلبِ مُرضِعةٍ

أحصتْ بذاكرتي أطفالَها القتلى

حَمَّلْتَني الحُبَّ أحبابًا ، وغِبتَ رُؤىً

جئتَ احتمالاً ، تركتَ الحِملَ والكهْلا

الآن ..

والنهرُ نقشُ الجُرحِ في حجرٍ

أقول : “صحراءُ” ، كنْ لي صاحبي شَملا

قُل : الظلالُ لنا ، والأغنياتُ لنا

فهكذا قال غيمٌ ، وارتَوَى ثُقلا !

***

شارك المقالة عبر

تعليقات القراء

أضف تعليق

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابع صفحتنا على فيسبوك

لأحدث أخبار فعاليات وندوات بيت الشعر بالأقصر

أحدث أنشطة البيت

أحدث المقالات

شعراء البيت

إنضم الى القائمة البريدية

إشترك في القائمة البريدية لبيت الشعر بالأقصر لتصلك أحدث الأخبار و المقالات عبر البريد الإلكتروني

الكلمات الدلالية الأكثر بحثا

spot_img