قصيدة نيران للشاعر بهجت صميدة

   ـ 1 ـ

تَسِيْرُ عَلَى شَاطِئِ الرُّوحِ..

تَخْلَعُ جِلْدَكَ،

تَأْخُذُ حَمَّامَ مَوْتٍ؛

لِكَي يُمْطِرَ الْبَحْرُ يُوْدًا

عَلَى قَلْبِكَ المُسْتَعَارِ،

تـُنـَبـِّهُ مَوْجـًا أتَى مِنْ بلَادٍ بَعِيْدَةْ.

إلَى قِصَّةِ النَّارِ..

تِلْكَ الَّتِي بَزَغـَتْ فِي فَضَاءِ الْقَصِيْدَةْ.

        ـ 2 ـ

تَعَوَّدْتَ أنْ تَزْرَعَ الرَّأْسَ حُلْمـًا،

وَلَسْتَ تَرَى الْآنَ غَيْرَ اللَّهِيبْ.

فَقُمْ حِيْنَ تَلْهُو بِكَ النَّارُ،

أَخرِجْ دُخـَانـَكَ

مِنْ بَيْنِ عَيْنَيْكَ؛

علَّ الطُّيُورَ الَّتِي تَتَرَاقَصُ حَوْلَكَ تَنْفِرُ،

تَهْرَبُ،

تـَسْقُطُ مِنْ سُحُبِ الحُلْمِ

بَعْضُ الْعَصَافِيْرِ..

تَزْرَعُ أشْجَارَهَا فِي الْقُلُوبْ.

           ـ 3 ـ

إذَا السَّمَكُ المُسْتَحِمُّ بِرَمْل ٍ

تَمَنـَّى عَلَيْكَ افْتِتَاحَ الْجَزَائِرِ..

لَا تَعْتَرِضْ؛

فَالرِّيَاح ُ-الَّتِي لَسْتَ تَعْرِفُ مَصْدَرَهَا

أوْ تَرَى دَوْرَهَا فِي الْمَصَائِرِ-

حَتْمًا تَقُوْدُكَ نَحْوَ النَّهَارِ..

الَّذِي يَتَرَاقَصُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْكَ

مِثْلَ الْحَرَائِرْ.

            ـ 4 ـ

تَطِيْرُ الدِّمَاءُ تِجَاهَ السَّمَاءِ؛

فَـتَـلْقـمُ ثَدْيَ السَّحَابِ،

وَتَكْبرُ…. تَكْثُرُ….

أَمْشِي وَحَوْلِي الشُّخُوْصُ / الدِّمَاءْ.

تَمُرُّ عَلَى النَّهْرِ..

تـُسْقِطُ مِنْ دَمِها فِي الشَّوَاطِئِ؛

حَتَّى تَذُوبَ

فَيَحْمَرُّ وَجْهُ الْمِيَاهِ،

وَيَصْرُخُ فِىَّ الْفَضَاءْ.

           ـ 5 ـ

أُخَبـِّئُ وَجْهِي بِحِـضْنِ السَّمَاءِ؛

أَرَى النَّارَ تَخْبُو،

وَيَزْدَادُ لُطْفـًا بِقَلْبِي الْهَوَاءْ

تَمُرِّيْنَ مِنْ كُلِّ بَابٍ لِقَلْبِي..

تُغَـنـِّينَ..

تَصْطَفُّ كُلُّ الطُّيُورِ،

تُرَدِّدُ خَلْفَكِ،

تَفْتَحُ كُلَّ النَّوَافِذِ فِي رِئَتَيَّ؛

لِكَيْ يَسْتَحِمَّ الْهَوَاءُ بِشَمْسِكْ.

          ـ 6 ـ

أَمُرُّ عَلَى جُثَثٍ فِي الطَّرِيْقِ تـُبَاعُ؛

فَأَقْطَعُ أَنْفِي؛

لِكَي لَا أَشُمَّ رَوَائِحَ مَنْ سَيَبِيْعُوْنَنِي.

غَيْرَ أنَّ لِرَائِحَةِ الدَّمِ

– حِيْنَ يَثُوْرُ عَلَى اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ –

نَكْهَةَ حُلْمٍ قَدِيمٍ لِصَيْدِ الْغَزَالَةِ

مِنْ غَيْرِ جَرْيٍ؛

فَأَصْحُو – كَمَا كُنْتُ أَصْحُو-

جِوَارَ السَّرِيرْ..

وَأَلْمَحُ ذَاكِرَتِي فِي السَّمَاءِ تَطِيرْ..

           ـ 7 ـ

أَسِيْرُ جِوَارِي..

نـُشـَبـِّكُ أَيْدِيـَنا،

وَنُفَرِّقُ أحْلَامَـنَا؛

كَيْ نَمُرَّ مِنَ اللَّيْلِ..

يُلْقِي النَّهَارُ عَلَيْنَا السَّلَامَ،

وَيَخْطَفُ مَنْ بِجِوَارِي؛

فَأَمْضِي سَرِيْعـًا..

عَسَانِي أَرَاهُ؛

لِكَيْ أَسْتَرِدَّ دَمِي مِنْ دِمَاهُ.

         ـ 8 ـ

تَسِيرُ عِظَامِي أَمَامِي،

تـُخـَزِّنُ حُلْمَ السِّنِينْ..

وَتَبْعَثُ لِلْأَرْضِ بَعْضَ الضُّلُوْعِ؛

لِكَيْ تَكْشِفَ الْأَرْضُ عَنْ عُمْرِهَا.

فَمِنْ ألْفِ عَاْمٍ جَفَاهاَ الْحَنِينْ،

وَخـَلـَّصَهَا مِنْ لُحُومٍ تـُثـَقِّـلُ أوْزَانَـهَا،

وَتـُثـَقِّـل أوْزَارَهَا،

فاسْتَرَاحَتْ عَلَى شَاطِئِ اللَّيْلِ،

      تَحْيَا بَعِيْدًا عَنِ الْمَيِّتِينْ.